![Logo site](https://news.easydownload21.com/public/images/news-logo-inv.png)
خاص - شبكة قُدس: تعيد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة وإعادة توطينهم في دول أخرى، قضية اللاجئين الفلسطينيين وإعادة توطينهم للواجهة. فكرة إعادة التوطين التي تُعتبر في البيئة السياسية الحالية مستهجنة، لها سلسلة من السوابق التاريخية. من المهم الإشارة إلى أن مبادرة التهجير الحالية ليست فكرة جديدة. لها جذور تاريخية عميقة تعود إلى (1948-1949) وظهور قضية اللاجئين الفلسطينيين. تم اقتراح خطط كانت موجهة أساسًا إلى إعادة توطين اللاجئين من خلال دمجهم رسميًا في البلدان المضيفة.
تم إحباط معظم هذه المبادرات من قبل الفلسطينيين والعرب كجزء من استراتيجية كانت تهدف في النهاية إلى القضاء على "إسرائيل" من خلال التأكيد على قضية حق العودة للاجئين. منذ البداية، رفضت جميع الدول العربية، باستثناء الأردن، منح الجنسية لأي من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل حدودها. اعتبر معظم القادة العرب أن إعادة توطين الفلسطينيين تعني التنازل عن المطالبات العربية بفلسطين. ورفضوا إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في محاولة للحفاظ على وضعهم كلاجئين وإبقاء القضية الفلسطينية حية في الوعي العالمي.
إعادة التوطين مقابل حق العودة محور تركيز الخطاب العربي، وكذلك الحفاظ على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كرمز لكل من محنة اللاجئين ومسؤولية المجتمع الدولي عن تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194. عند ولادة أزمة اللاجئين الفلسطينيين، واجهت الدول العربية تحديًا سياسيًا. في حين كانت تشجع شعوبها على المطالبة بعودة اللاجئين، كانت الحكومات العربية تفتقر إلى القوة لإجبار "إسرائيل" على ذلك. وجدت الدول العربية المضيفة نفسها تصر على أن يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم رغم أنها لم تكن قادرة على تحقيق ذلك.
الرفض العربي منهجي فيما يتعلق بإعادة توطين اللاجئين منذ المراحل الأولى لقضية اللاجئين الفلسطينيين، تم اقتراح العديد من مشاريع إعادة التوطين، وتوفير الأموال الدولية، وإجراء الدراسات، والتي ركزت جميعها على الفوائد التي قد تعود على اللاجئين من دمجهم في البلدان المضيفة العربية. كانت الفكرة الرئيسية التي طرحتها الولايات المتحدة ودول غربية هي أن إعادة توطين الفلسطينيين يمكن أن يساعد البلدان المضيفة في تطوير إمكاناتها الاقتصادية ضمن برامج المساعدة المقترحة وكذلك إزالة العقبة الرئيسية أمام التسوية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، أصبحت المبادرات الخاصة بإعادة التوطين، الرمز الرسمي للخيانة لقضية اللاجئين.
كان مبدأ الحفاظ على اللاجئين كأشخاص بلا جنسية من أجل الحفاظ على جنسيتهم الفلسطينية وبالتالي الحفاظ على حق العودة هو المبدأ الأساسي لسياسات جامعة الدول العربية تجاه اللاجئين الفلسطينيين. ومن الأفكار الغريبة التي طرحت في هذا السياق، اقتراح رئيس الاحتلال إسحاق بن تسفي في ديسمبر 1960 حل مشكلة اللاجئين بأن يُنظر إلى اللاجئين على أنهم تبادل عادل للسكان مع اليهود الذين خرجوا من الدول الإسلامية واستوطنوا لاحقًا في الأراضي المحتلة.
مبادرات إعادة التوطين التي أفشلها العرب والفلسطينيون
الحالة السورية: بعد حرب 1948، كانت الحكومة السورية في حاجة ماسة إلى العمال الزراعيين. تم طرح مبادرة مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتقديم صفقة لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، تم تقديمها أولاً لرئيس الوزراء السوري آنذاك حسني الزعيم (منتصف 1949) ثم إلى أديب الشيشكلي. الإطار الأساسي كان الاستيطان مقابل المال. كان الهدف هو إعادة توطين 500,000 لاجئ في سوريا بتكلفة 200 مليون دولار. ومع ذلك، بعد فترة قصيرة من ثورة مصر في يوليو 1952، أوقف الشيشكلي المشروع.
المخططات الأمريكية: تم اقتراح خطة من قبل وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس في أغسطس 1955 تقترح إعادة توطين اللاجئين في الدول العربية. وكان من المقرر تحفيز ذلك من خلال تطوير مشاريع إدارة المياه، حيث تكون الولايات المتحدة هي المساهم الرئيسي؛ ودفع تعويضات عن الممتلكات المفقودة؛ وعودة عدد محدود من اللاجئين إلى الأراضي المحتلة؛ وحل مشكلة الحدود مع والدول العربية. خطة أمريكية أخرى، قدمها الرئيس أيزنهاور بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية في سيناء (أكتوبر-نوفمبر 1956)، عرضت حلاً اقتصاديًا لمشكلة اللاجئين من خلال التنمية الاقتصادية الإقليمية. آخر خطة أمريكية رسمية في هذا الصدد كانت من قبل جوزيف جونسون في أكتوبر 1962، الذي اقترح أن يتم منح اللاجئين خيار العودة أو التعويض من خلال الأموال التابعة للأمم المتحدة والولايات المتحدة مع الحفاظ على حق "إسرائيل" في رفض العائدين لأسباب أمنية.
الحالة العراقية: تم طرح إمكانية إعادة توطين اللاجئين في العراق في عدة مناسبات سواء من الناحية النظرية أو العملية. كانت إحدى الأفكار هي التبادل السكاني حيث يستوعب العراق حصة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين مقابل السماح لـ 100,000 من اليهود المقيمين في العراق بالهجرة إلى الأراضي المحتلة دون عوائق، لكن الفكرة لم تنفذ.
الحالة الكندية: في منتصف عام 1955، وبناءً على طلب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أعربت الحكومة الكندية عن استعدادها لقبول اللاجئين الفلسطينيين المشردين. كان المسؤولون الكنديون يعتقدون أن التخفيف من مشكلة اللاجئين في الشرق الأوسط سيساعد في تعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، كانت خطة إعادة التوطين لا تزال حساسة سياسيًا. اعترضت الحكومات العربية على ما وصفوه مؤامرة صهيونية لإبعاد الفلسطينيين عن أراضيهم الأصلية، وهدد نشطاء فلسطينيون بشن هجمات في المدن الكندية إذا استمرت كندا في طرح هذه الفكرة.
الخيار الأمريكي الجنوبي: تم الكشف مؤخرًا عن أن الولايات المتحدة اقترحت منح اللاجئين الفلسطينيين أراضٍ في أمريكا الجنوبية كحل لمشكلة اللاجئين. اقترحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي كانت تعمل خلال إدارة جورج بوش الابن، توطين الفلسطينيين في الأرجنتين وتشيلي. قدمت رايس هذا الاقتراح خلال اجتماع في يونيو 2008 مع مفاوضين أمريكيين وإسرائيليين وفلسطينيين في برلين. تم رفض المبادرة بشكل قاطع من قبل الجانب الفلسطيني.
مبادرة إعادة التوطين الخاصة من الأمين العام للأمم المتحدة داغ هامرشولد: من بين جميع المقترحات لإعادة التوطين، كانت مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة داغ هامرشولد هي الأكثر شمولاً. في 15 يونيو 1959، أكد أنه توجد وسائل قابلة للتطبيق لاستيعاب اللاجئين في اقتصاد المنطقة العربية. وأضاف أن اللاجئين سيكونون مفيدين لدولهم المضيفة من خلال إضافة قوة عاملة حيوية للمساعدة في تنميتها. قام هامرشولد بتفصيل تكلفة استيعاب اللاجئين، التي قال إنها يمكن تمويلها من عائدات النفط والمساعدات الخارجية، لكن الخطة فشلت.
الأردن كـ"وطن بديل": من حيث الديموغرافيا، فإن أكثر من 2 مليون لاجئ يقيمون في الأردن أي ما يمثل 40% من إجمالي اللاجئين، ويشكلون أكثر من 70% من إجمالي السكان الأردنيين. إن فكرة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين لن يقبل بها الملك عبدالله لأن ذلك يعني تحويل الأردن إلى "وطن بديل" للفلسطينيين.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا